على سÙØ Ø¬Ø¨Ù„ المقطم ÙÙŠ قاعة هذا القصر التي تتضاءل كلمات الÙخامة والأبهة أمام روعته، وتØديدًا ÙÙŠ قاعة الاستقبال التي تÙعتَبر أجمل ما ÙÙŠ القصر.
تلك القاعة المزينة بأرقى Ùنون الزخرÙØ© العثمانية، Ùجدرانها المزرقشة بنسيج من الألوان والرسوم والنقوش، والأرائك المصنوعة من خشب الأبنوس، التي تشكل تØÙØ© لا تقدر بثمن، والمØشوة بأرقى أنواع ريش النعام، والمكسوة بالØرير الأØمر القاني، وأعواد البخور ورائØØ© المسك الÙواØØ©ØŒ تغمر المكان بعبقها الساØر.. ذلك القصر الذي لا يليق به اسم سوى (الجوهرة) تتوسط القاعة أريكةٌ أعدت خصيصًا للوالي، الذي ملأت هيبته وصيته بلاد الشرق والغرب، والذي Ø£Ùزع السلطان العثماني ÙÙŠ اسطانبول عاصمة الخلاÙØ© العثمانية، يتكئ “Ù…Øمد علي باشا” ÙÙŠ مجلسه ÙÙŠ هيئة٠لم يعهدها Ø£Øد٠الأمراء والملوك من قبله، تلك كانت العلامة المميزة للوالي الجديد، وكأَّن لسان Øاله يقول : ها قد استقر لي الØÙكم، وخضعت لي الممالك، والسلطان بهيبته وجلاله ÙŠØسب لي أل٠Øساب. أما Øاشية الوالي ÙÙŠ تنوعها، Ùإنها تستمد هيبتها من هيبة الوالي، على يمينه وشماله مجلس الØكم من الأعيان، وبين يديه إرجيلته المÙضلة يجثو Ø£Øد الخدم ممسكًا بها واضعًا الجمر وكأنه Øبات كرز، وعلى أطرا٠المجلس ÙÙ„Ø§Ø ÙÙŠ زيه المميز وطاقيته البنية المنسوجة من صو٠خروÙØŒ قد غزلته له زوجته بأناملها البديعة. شيءٌ غريبٌ موجود هذه المرة بين يدي الوالي، إنه كيسٌ كبيرٌ مملوءٌ ببذور!! بذور!! ماذا يا تÙرى؟! يشير الوالى بعصاته إلى الكيس، ثم ينادي على الÙÙ„Ø§Ø : اÙØªØ Ù‡Ø°Ø§ الكيس، وخبرنا ما به .. يتقدم الÙÙ„Ø§Ø Ø®Ø·ÙˆØªÙŠÙ† ويجلس القرÙصاء، ثم تÙÙƒ أصابعه ربطة الكيس ØŒ ويدس ÙƒÙÙ‡ ليخرج ØÙنةً من البذور، يصوّب الجميع بصره Ù†ØÙˆ ØÙنه الÙلاØØŒ ويØملقون ÙÙŠ دهشة، هامسين ÙÙŠ أنÙسهم: ما تلك البذور الغريبة التي لم نعهدها من قبل؟!!! ÙÙŠ تلك اللØظة يقطع الصمتَ صوت٠الوالي: أخبرنا أيها الÙلاØØŒ هل ÙÙŠ مصر المØروسة مثل هذه البذور؟ وهل تدري لأي نوع من الأشجار هي؟ يدقق الÙÙ„Ø§Ø Ù†Ø¸Ø±Ù‡ ويأخذ Øبةً ØŒ إنها Ù…Øاطة بأليا٠بيضاء تشبه الØرير، وضع Øبة بين أضراسه، Ùإذا بها تنز بعضًا من الزيت، ÙŠØار ÙÙكْر٠الÙلاØØŒ وتتلعثم Ø´Ùتاه، بماذا يجيب؟؟؟!! : ولسان Øاله يقول: (إنْ كنتَ لا تدري Ùتلك مصيبة، وإن كنتَ تدري Ùالمصيبة أعظم). ÙÙŠ تلك اللØظة أنقذت قهقهات الوالي التي تردَّد صداها ÙÙŠ البهو، ÙانÙرجت أسارير الÙلاØØŒ Ùقد كانت تلك القهقهات طوق نجاة له من ورطته. قال الوالي بلكنة عربية ممزوجة بالتركية: اسمع ÙÙ„Ø§Ø Ù…ØµØ±ÙŠ أصيل.. ولدي ووزير جيوشي (إبراهيم باشا) Ø£Øضر لي هذا الكنز، إنه بذور لشجرة يسمونها القطن ØŒ تثمر ألياÙًا بيضاء تشبه الØرير، أريد أن أزرعها ÙÙŠ مصر. يستمع المجلس لكلام الوالي ÙÙŠ إعجاب مرددين وهم يهزون رؤوسهم: عظيم يا باشا عظيم!!! يقول الوالي بلهجة الواثق مما ÙŠÙعل: إذا كان الÙراعنة قد استخرجوا الذهب الأصÙر من أرض مصر الطيبة، Ùأنا سأملأها بالذهب الأبيض. وهنا نسمع صوت كبير الوزراء : ولكن يا مولاي كي٠نقنع الÙلاØين بزراعة هذا المØصول، وهم لا عهد لهم به، ولا يعرÙون جدواه؟!! الوالي: الأمر بسيط ØŒ أصدر Ùرمانًا ينشر ÙÙŠ الوقائع المصرية بزراعة القطن بأمر الوالي، وأن من يخال٠أمر الوالي يعاقب بالسجن ونزع ملكيته. على واجهة دوار عمدة Ø¥Øدى القرى ÙÙŠ أعماق الري٠المصري يقرأ Ø£Øد الÙلاØين منشورًا من الوالي: (يا أهالي مصر المØروسة.. أصدرنا Ù†ØÙ† Ù…Øمد علي باشا والي مصر Ùرمانا بزراعة Ù…Øصول القطن، ومَن يتخلَّ٠عن المرسوم، Ùإن جزاءه السجن والØرمان ونزع ملكيته على أرضه).. يمسك الÙÙ„Ø§Ø Ø¨Ø°Ù‚Ù†Ù‡ هامسًا: أخشى أن ينزع الوالي Ø±ÙˆØ Ø§Ù„ÙلاØين الذين يخالÙونه قبل أن ينزع أراضيهم كما Ùعل ÙÙŠ مذبØØ© القلعة. وما هي إلا شهور معدودات وقد Ùَرشت سجادةٌ بيضاء٠غطَّت معظم الوادي والدلتا تناÙس ÙÙŠ روعتها وجمالها كلَّ زرابي الÙÙرسÙ. وقبل أن يموت الوالي كتب وصيته وكان Ù…Ùمَّا أوصى به: (أن ÙŠØتÙظ الوالي الجديد بكيس٠من بذور القطن للعام التالي ليØاÙظ على تلك السلالة النادرة، وأن تكون هذه عادة كلّ والي) . تمر السنون تلو السنين، ومما تزال أرض مصر Ù…Ùروشة بتلك السجادة البيضاء صي٠كلÙÙ‘ عامÙØŒ والتي نسجت خيوطها من الذهب الأبيض. إلى أن جاء (والي) يبغض الوالي الأول، وأول ما Ùعل أن مزق وصيته، وأخذ كيسَ القطن ودÙنه ÙÙŠ مكان لا يعلمه إلاَّ هو، وداسَ بأقدامه الملوثة على تلك السجادة Ùشوهها، ثم عبثت كل الأيادي الملوثة بتلك السجادة ولطخوها.. وما هي إلا سنوات وذاع خبر ÙˆÙاة الـ(والي) Ùلم ÙŠØضر سوى بضع Ù†ÙرÙØŒ ÙŠØملون نعشه، همس Ø£Øدهم لصاØبه: أين خبأ (والي) كيس بذور القطن؟ Ùأجابه: لقد سمعتهم يقولون: إن الـ(والي) كان ÙŠØمل كيس القطن ويذهب إلى الصØراء ÙÙŠ Ø¬Ù†Ø Ø§Ù„Ù„ÙŠÙ„ كلما هبت Ø§Ù„Ø±ÙŠØ ÙˆÙŠØ°Ø±ÙÙ‘ البذور، وقد ذهبت بذور القطن مع الريØ!!!
سمير Øسن رضوان
دبي
الاثنين 9/12/2019
مجموعة قصصية بعنوان (النهر الجاÙ).